الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: لباب اللباب في بيان ما تضمنته أبواب الكتاب من الأركان والشروط والموانع والأسباب
.كتاب الجعالة: .حقيقتها: .حكمها: .حكمة مشروعيتها: .أركانها: .الأول: العاقد: .الثاني: المعقود به: .الثالث: المعقود عليه: الأول: أن يكون مما لا يلزم المجعول له عمله وما يجوز له عمله إن كان مما يلزمه عمله لم يجز له أخذ الجعل عليه مثل أن تجد آبقًا من عمل؛ لأن رده واجب عليه، ولو كان مما لا يجوز له فعله لم يجز له أخذ الجعل عليه كالجعل على الحرام. الثاني: أن يكون مما ينتفع به الجاعل. قال عبد الملك فيمن جعل لرجل جعلاً على أن يرقيه موضعًا في الجبل سماه له: إنه غير جائز، ولا يجوز الجعل إلا على ما ينتفع به الجاعل، وقيل: يجوز. الثالث: أن يكون مما لا ينتفع به الجاعل إلا بتمامه، فلا يجوز الجعل على حفر بئر في أرض مملوكة للجاعل؛ لأن المجعول له أن يترك الحفر قبل التمام انتفع به الجاعل بخلاف ما يكون في أرض غير مملوكة. الرابع: أن يكون غير مقدر بزمن، فلو قال: بع هذا الثوب اليوم ولك درهم لم يجز، إلا أن يشترط أن يترك متى شاء؛ لأنه إن ذهب اليوم ولم يبعه ذهب عناؤه باطلاً، وإن باعه في نصفه فله الجعل كاملاً، وتسقط عنه بقية اليوم، وذلك خطر، والجعل لا يكون مؤجلاً إلا أن يكون له رده متى شاء. الخامس: أن يكون في اليسير، قال القاضي أبو محمد: لا يجوز أن يكون في الكثير لما فيه من الغرر، فذهاب العمل الكثير باطل. وقال ابن رشد: ما ذكره عبد الوهاب غير صحيح، والصحيح أنه جائز في كل ما ليس فيه منفعة للجاعل إلا بتمامه قليلاً كان أو كثيرًا. قال: وإنما قال ذلك مالك في المبيع؛ لأن ينتفع بحفظ الكثير من الثياب مدة بقائها عنده، ولو لم يدفعها إليه لجاز إذا جعل له في كل ثوب درهمًا. .اللواحق: .الأول: استحقاق الجعل: .الثاني: الزيادة في الجعل والنقصان منه: .الثالث: في الجعالة الفاسدة: قال ابن رشد: وهو الصحيح، فقال ابن المواز: كل جعل فاسد ففيه إجارة المثل. وقال ابن حبيب: إذا جعل له جعلاً في بيع متاع إن باع الجميع فله جعله، وإن لم يبع الجميع فلا جعل له، أو قال له ذلك الجعل سواء بعت أو لم تبع لم يجز، ورد إلى أجرة المثل باع أو لم يبع. وقال ابن القاسم: إذا لم يسم الجعل، وقال: ما بعت به فلك من كل درهم سدسه لم يجز، فإن باع فله جعل المثل. .الرابع: في التنازع: .كتاب إحياء الموات: .حكمها: .حكمة مشروعيته: .أركانها: .الأول: المحيي: قال مطرف وابن الماجشون: فإن فعل أعطى قيمة عمارته وأخرج، وإن عمر في غير ذلك في بعد من العمران جاز ذلك، وأما ما قرب فيعطى قيمة عمارته منقوضًا ويخرج وليس للإمام أن يعطيه إياه. تنبيه: القرب والبعد يرجع إلى حال البلد، فما تألفه مواشيهم في غدوها ورواحها فهو قريب. .الثاني: المحيَا: وأسباب الاختصاص خمسة: الأول: العمارة: ولا يملك بالإحياء ما كانت فيه العمارة وإن اندرست، إلا أن تكون عمارة إحياء ثم اندرست حتى عادت كما كانت قبل الإحياء فتملك بالإحياء عند ابن القاسم دون سحنون. وقال مطرف وابن الماجشون: إن تركها الأول إسلامًا لها في للآخر، ثم إن عمرها الآخر بحدثان عمارة الأول جاهلاً فله قيمة بنيانه قائمًا وإن كان عالمًا فمنقوضًا. الثاني: حريم عمارة: وهو يختص بصاحب العمارة، فحريم البئر الذي يمنع غير حافرها من الإحداث فيه ما يضر بها باطنًا أو ظاهرًا، فالباطن حفر بئر ينشف ماؤخا، وحفر مطمر لمطرح النجاسات حتى يصل وسخها إليها، والظاهر الغرس والبناء والحرس والنزول الذي يضر بالمنتفعين بها، ويضيق عليهم في نزولهم وصدرهم ومعاطن إبلهم ومرابض مواشيهم، وكذلك إن حفرها ليزرع عليها مواتًا فحريمها قدر ما يحتاج إليه حافرها مما يقوم لسقي مائها ويقدر على زرعه وليس للآبار والعيون حد عند مالك إلا ما يضر بها، وحريم الشجر ما يرى أن فيه مصلحتها، وما لا يضر بأهلها، ويسأل عن ذلك أهل المعرفة. قال اللخمي: إن قالوا: عشرة أذرع، لم يكن لهذا أن يغرس عند آخر العشرة؛ لأن الشجرة الثانية تحتاج إلى ما تحتاج إليه الأولى، فإن جعل بينهما دون ذلك أضر بالأولى، وإن جعل بينهما عشرة فانتشرت عروق الأولى وفروعها أكثر قطع ما وصل إلى حد الأولى في ظاهر الأرض وباطنها، وإذا أحيا الأول للسكنى وأراد الآخر مثل ذلك فمنعه الأول، وقال: تكشفني إن كنت قريبًا، فله ذلك، وقد قضى عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أن يجعل بينهما نحوًا من مائة ذراع، وحريم الدار المحفوفة بالموات مرافقها التي تجري بها العادة لمطرح التراب ومصب الماء وموضع الاستطراق منها وإليها، وإن كانت محفوفة بالأملاك فما كان بينهما وبين تلك الأملاك لا يختص به أحد دون آخر. الثالث: التحجير: ونعني بذلك أن يضرب حدًا حول ما يريد إحياءه على خلاف، وقد قال ابن القاسم: لا يعرف مالك التحجير إحياء ولا ما قيل: إن من حجر أرضًا يترك ثلاث سنين، فإن أحيا وإلا فهي لمن أحياها. الرابع: الإقطاع: وإذا قطع الإمام رجلاً أرضًا فهي ملك له وإن لم يعمرها ولا عمل فيها شيئًا، وله أن يبيع ويهب، وليس للإمام أن يقطع غير الموات تمليكًا، بل إمتاعًا. الخامس: الحمى: وقد حمى رسول الله صلى الله عليه وسلم البقيع لخيل المهاجرين، وهو قدر ميل في ثمانية أميال، وزاد الولاة فيه بعد ذلك. قال سحنون: الحمى إنما يكون في بلاد الأعراف في الفيافي التي لا عمارة فيها بغرس ولا نبات، وإنما يكون في الأطراف حيث لا تضيق على ساطن. قال: وفي ذلك يكون الإقطاع أيضًا، والمشترك كالشوارع والطرق والجدر وممر المياه والمساجد، فأما الشوارع فإن كانت نافذة فالاستطراق فيها مستحق للكافة وينتفع بها أيضًا للجالس والمرابط والمصاطب وجلوس الباعة للبياعات الخفيفة في الأفنية لأنها تجاز بالبناء والتخضير، ومن سبق إلى مكان يباح له الجلوس فيه فهو أحق به، وإن كانت غير نافذة فهي مملوكة لأرباب الدور التي هي فيها، فلا يجوز إشراع جناح إليها ولا فتح باب جديد منها إلا برضاء الجميع، وأما الجدر فليس لأحد الشريكين فيها تصرف إلا بإذن شريكه، فإن تنازعا فيه فصاحب اليد من كان إليه وجه الجدار والطاقات ومعاقد القمص والغرز، فإن استربا في ذلك فهو بينهما بعد أيمانهما، وأما ممر الماء فمذكور فيما بعد، وأما المساجد فينتفع بها للصلاة والجلوس، ومن سبق إلى مكان منها لم يزعج منه ويجلس فيها للذكر وللتلاوة وللاشتغال بالعلوم الشرعية، وخفف فيها النوم في القائلة للمقيم والمسافر ولا ينبغي أن يتخذ مسكنًا إلا لرجل متجرد للعبادة لقيام الليل. قال ابن حبيب: وأرخص في الرجل فيه مجتازًا المرة بعد المرة، إلا أن يتخذ طريقًا. .الركن الثالث: كيفية الإحياء: .اللواحق: .الأول: ما يحدثه الرجل في أرضه مما يضر بجاره: النوع الأول: الدخان: وذلك ممنوع، وقد نص مالك على أن من أحدث في عرصته فرنًا أو حمامًا أو كيرًا للحديد أو فرنًل لسيل الذهب والفضة فأضر بجاره أنه يمنع، واستخف اتخاذ التنور. وفي الطرر عن ابن رشد أن ذلك يمنع اتفاقًا. تنبيه: إن أمكن قطع الدخان بحيث لا يضر بالجار قطع ويبقى الفرن بحاله وبها قضى سليمان بن أسود، فجعل أنبوبًا في أعلى الفرن يخرج منه الدخان وصعد ولم يضر. النوع الثاني: ضرر التبن: وإحداث الأندر ممنوع اتفاقًا، قاله ابن رشد لما يتطاير من التبن في موضع الجار. الثالث: ضرر الروائح: كأحداث الرباع. قال ابن رشد: وذلك أيضًا ممنوع بالاتفاق. الرابع: ضرر الكنيف والرحا: لأن ذلك يضر بالجدران. الخامس: ضرر الاطلاع: وقال ابن رشد: يمنع من اتخاذ الكوة واتخاذ الباب لضرر الاطلاع، وقيل: لا يمنع، ويقال للجار: استر عن نفسك، قاله أشهب، وابن الماجشون، وابن مسلمة، والمخزومي، قال: وهو شاذ، والمنع قوله في المدونة، وإذا كانت الكوة قديمة أو الباب قديمًا فليس له سده. السادس: ضرر الأصوات: كالحداد والكماد والنداب فيه قولان المشهور أنه لا يمنع. السابع: إحداث بناء يمنع الضوء والشمس والريح: وذلك غير ممنوع ولو أحدث بناء يمنع الريح عن أندر جاره لم يمنع، قاله ابن القاسم، واختلف في قول سحنون. الثامن: نقصان الغلة: مثل أن يحدث فرنًا قريبًا من فرن جاره ولا يمنع منه اتفاقًا، ولو أحدث رحا على نهر فوق رحا قديمة فأضرت بها في نقصان غلتها أو كثرة مؤنها أو في غير ذلك ضرر بين، فقال ابن القاسم: يمنع ولو لم يبين لأهل المعرفة في ذلك ضرر، قيل له: عمر، فإن أضررت منعناك. التاسع: حفر البئر في الدار: قال مالك: له ذلك، إلا أن يضر بجاره ضررًا بينًا في استفراغ ماء بئره. قال بعض الشيوخ: هذا خلاف ظاهر المدونة؛ لأنه أطلق فيها القول بالضرر ولم يقيد بصفة. وقال ابن كنانة: له أن يحفر، فإن أضر ببئر جاره منع. وقال أشهب: إن كان يجد منها بدًأ وليس هو بمضطر منع، وإن كان مضرًا فله أن يحفر، وإن أضر ببئر جاره. وقال ابن القاسم: من حفر بئرًا بعيدة من دارك فانقطع ماء بترك من حفره وعلم ذلك فلك ردمها عليه. العاشر: إحداث الميزاب لماء المطر: ممنوع سواء أضر بجاره أو لم يضر، إلا أن أذن له جاره، فإن لم يأذن وأراد أن يضم جداره إلى داخل ويجعل الميزاب ينصب في موضع الجدار، فقال مطرف: ليس له أن يحدث على جاره شيئًا لم يكن. وقال عيسى: له ذلك. الحادي عشر: إحداث باب قبالة باب الجار: منعه في المدونة في الزنقة غير النافذة، وأجازه في النافذة. وقال سحنون: يمنع أيضًا، ولكن ينكب عن باب جاره قليلاً بحيث يرى أن يزال به الضرر. الثاني عشر: ضرر الشجر: وإذا كانت شجرة إلى جدار رجل أضرت به فقال مطرف: إن كانت أقدم من الجدار وكانت على ما هي عليه اليوم من الانبساط فلا تقطع، وإن حدث فيها أغصان تضر بالجدار فليشمر منها ما يضر مما حدث. وقال ابن الماجون: لا تقطع، وإن أضرت به؛ لأنه قد علم أن ذلك من شأن الشجر، وإن كانت محدثة بعد الجدار قطع منها ما أضر به، وإن كثر وما انتشر من الشجر إلى أرض الجار قطع، ولو امتدت عروقها تحت الأرض فظهرت بأرض الجار وأثمرت خير رب الأرض بين أن يقلعها أو يعطي قيمتها مقلوعة. قال ابن القاسم: إلا أن تكون لربها منفعة إذا قلعها وغرسها نبتت فله قلعها، وإن كان لا منفعة له فيها ولا عليه مضرة فهي لرب الأرض. الثالث عشر: ضرر الحيوان: كالدجاج والحمام والنحل والمواشي. قال أصبغ: النحل والحمام والدجاج والأوز كالماشية لا يمنع من اتخاذها، وإن اضرت، وعلى أهل القرية حفظ زرعهم، وقاله ابن القاسم، وقيل: يمنع من اتخاذ ما يضر بالناس في زروعهم وشجرهم وما أفسدته الماشية نهارًا فجار، وما أفسدته ليلاً فضمانه على أربابها، ويقوم الزرع الأخضر على الرجاء والخوف. قال مالك: ولا يستنأبه أن ينبت كما يفعل بسن الصبي الصغير، ولو أراد صاحب الماشية أن يسلم ماشيته فيما أفسدت لم يكن له ذلك بخلاف جناية العبيد، وإن أفسدت الزرع بعد أن يستحصد ويستغنى عن الماء غرم مكيلته بالخرص إذا أفسدت الجميع، وكذلك التبن ولو أفسدت أشجارًا غرم قيمتها على الرجاء بإحيائها والخوف بهلاكها. .الضرب الثاني: في حكم ما ينشأ عن الأعيان المملوكة: وقال مالك وابن القاسم في العتبية: له بيعه، وإنما الذي لا يكون له بيعه ما سوى المروج والحمى من خصب فدادينه ويجبر على إباحته للناس إن استغنى عنه، إلا أن يكون في وصول المواشي إليه ضرر عليه مثل فدان فيه خصب وحوله زرع له، فيتضرر بمر المواشي في زرعه، فيكون له المنع، وإن لم يحتج إليه، وأما السمك فما كان منه في أرض غير مملوكة له لم يمنع منه من أراده وما كان مملوكًا لغير معين ففيه خلاف. قال ابن القاسم: سألت مالكًا عن بحيرات عندنا بمصر لأهل القرى أرادوا بيعها ممن يصير سمكها سنة، فقال: ما يعجبني أن تباع لأن سمكها يقل ويكثر، وما أحب أن يمنع من يصيد ممن لا يملك فيها شيئًا. وقال سحنون: لهم منعها. وقال أشهب: وإن طرحها فتوالدت فلهم منعها، وإن كان الغيب أجراها لم تمنع.
|